نبي الرحمة
قال ابن إسحاق : ولما افتتح رسول الله - صلى الله عليه وسلم - القموص ، حصن بني أبي الحقيق أتي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بصفية بنت حيي بن أخطب ، وبأخرى معها ، فمر بهما بلال وهو الذي جاء بهما على قتلى من قتلى يهود فلما رأتهم التي مع صفية صاحت . وصكت وجهها وحثت التراب على رأسها ; فلما رآها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال أعزبوا عني هذه الشيطانة وأمر بصفية فحيزت خلفه . وألقى عليها رداءه فعرف المسلمون أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد اصطفاها لنفسه .......................
وأتي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بكنانة بن الربيع وكان عنده كنز بني النضير فسأله عنه . فجحد أن يكون يعرف مكانه فأتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رجل من يهود(أحد جواسيس رسول الله من الأنصار) فقال لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - : إني رأيت كنانة يطيف بهذه الخربة كل غداة فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لكنانة أرأيت إن وجدناه عندك ، أأقتلك قال نعم .
فأمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالخربة فحفرت فأخرج منها بعض كنزهم ثم سأله عما بقي فأبى أن يؤديه فأمر به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الزبير بن العوام ، فقال :
عذبه حتى تستأصل ما عنده فكان الزبير يقدح بزند في صدره حتى أشرف على نفسه ثم دفعه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى محمد بن مسلمة فضرب عنقه بأخيه محمود بن مسلمة .

السيرة النبوية لإبن هشام .. باب ذكر المسير إلى خيبر (في المحرم سنة سبع)

قال وفى رواية أنه صلى الله عليه وسلم أتى بكنانة وهو زوج صفية تزوجها بعد أن طلقها سلام بن مشكم وبالربيع أخوة فقال لهما رسول الله صلى الله عليه وسلم:
أين آنيتكما التى كنتم تعيرونها أهل مكة؟؟ ـ أى لأن اعيان مكة إذا كان لأحدهم عرس يرسلون فيستعيرون من ذلك الحلى انتهى ـ أى والآنية والكنز عبارة عن حلى كان أولا فى جلد شاة ثم كان لكثرته فى جلد ثور ثم كان لكثرته فى جلد بعير كما تقدم فقالا :
أذهبته النفقات والحروب
فقال صلى الله عليه وسلم: العهد قريب والمال أكثر من ذلك إنكما إن كتمتمانى شيئا فاطلعت عليه استحللت دماءكما وذراريكما
فقالا نعم فأخبره الله ( الله هو الجاسوس الأنصار]) بموضع ذلك الحلى أى فإنه صلى الله عليه وسلم قال لرجل من الأنصار اذهب إلى محل كذا وكذا ثم ائت النخل فانظر نخلة عن يمينك أو قال عن يسارك مرفوعة فائتنى بما فيها فانطلق فجاءه بالآنية
ويمكن الجمع بين هذا وما تقدم وما يأتى أنهم فتشوا عليه فى خربة حتى وجدوه بان التفتيش كان فى أول الأمر وإعلام الله تعالى له بذلك كان بعد فجىء به فقوم بعشرة آلاف دينار أى لأنه وجد فيه أساور ودمالج وخلاخيل وأقرطة وخواتيم الذهب وعقود الجوهر والزمرد وعقود أظفار مجزع بالذهب فضرب أعناقهما وسبى أهلهما
و هذه هي قمة السرقة و اللصوصية الشريفة
أى وفى لفظ آخر لما فتحت خيبر أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم بكنانة بن الربيع وفى لفظ ابن ربيعة بن أبى الحقيق وكان عنده كنز بنى النضير فسأله عنه فجحد أن يكون يعلم مكانه فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم رجل من اليهود فقال إنى رأيت كنانة يطيف بهذه الخربة كل غداة أى فإن كنانة حين رأى النبى صلى الله عليه وسلم فتح حصن النطاة وتيقن ظهوره عليهم دفنه فى خربة
أى وفيه أن هذا لا يناسب ماسبق من أن حييا كان يطيف بتلك الخربة إلا أن يقال جاز أن يكون دفنه فى تلك الخربة فى محل آخر غير الذى دفنه فيه حيى فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لكنانة أرأيت إن وجدته عندك أقتلك قال نعم فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالخربة فحفرت فأخرج منها بعض كنزهم ثم سأله ما بقى فأبى أن يؤديه فأمر به الزبير رضى الله تعالى عنه فقال :
عذبه حتى نستأصل ما عنده
فكان الزبير رضى الله تعالى عنه يقدح بزند أى بالزناد الذى يستحرج به النار على صدره حتى أشرف على نفسه
وأخذ منه جواز العقوبة لمن يتهم ليقر بالحق فهو من السياسة الشرعية ثم دفعه صلى الله عليه وسلم لمحمد بن مسلمة رضى الله تعالى عنه فضرب عنقه باخيه محمود( و أخذ منه جواز الثأر) أى ولا مانع أن يكون السؤال وتعذيب الزبير وقع لسعيه وكنانة أيضا
وأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالغنائم أى التى غنمت قبل الصلح فجمعت وأصاب رسول الله صلى الله عليه وسلم سبايا منها صفية رضى الله تعالى عنها بنت حيى ابن أخطب من سبط هرون بن عمران أخى موسى عليهما الصلاة والسلام فاصطفى رسول الله صلى الله عليه وسلم صفية لنفسه وجعلها عند أم سليم التى هى أم أنس ين مالك خادمه صلى الله عليه وسلم حتى اهتدت وأسلمت ثم اعتقها صلى الله عليه وسلم وتزوجها وجعل عتقها صداقها أى أعتقها بلا عوض وتزوجها بلا مهر لا فى الحال ولا فى المآل أى لم يجعل لها شيئا غير العتق ..........................

وقيل إن دحية الكلبى( جبريل الثاني) رضى الله تعالى عنه سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم صفية فوهبها له وقيل وقعت فى سهمه رضى الله تعالى عنه ثم ابتاعها صلى الله عليه وسلم منه بتسعة أرؤس أى وإطلاق الشراء فى ذلك على سبيل المجاز على أنه يخالف ما تقدم أنها من صفية صلى الله عليه وسلم قبل القسمة
وفى البخارى فجمع السبى فجاء دحية رضى الله تعالى عنه فقال يا نبى الله أعطنى جارية من السبى فقال اذهب فخذ جارية فاخذ صفية بنت حيى فجاء رجل إلى النبى صلى الله عليه وسلم عليه وسلم فقال يا رسول الله أعطيت دحية صفية سيدة قريظة والنظير لا تصلح إلا لك فقال ادعوه بها فجاء بها فلما نظر إليها النبى صلى الله عليه وسلم قال خذ جارية من السبى غيرها أى فأخذ غيرها

وفى رواية أن صفية سبيت هى وبنت عم لها وأن بلالا جاء بهما فمر على قتلى يهود فلما رأتهم بنت عم صفية صاحت وصكت وجهها وحثت التراب على رأسها فلما رآها صلى الله عليه وسلم قال اعزبوا عنى هذه الشيطانة وقال صلى الله عليه وسلم لبلال أنزعت منك الرحمة يا بلال حتى تمر بامرأتين على قتلى رجالهما ثم دفع صلى الله عليه وسلم بنت عمها لدحية الكلبى رضى الله تعالى عنه وفى رواية وأعطى دحية بنت عمها عوضا عنها...........................
وعن صفية رضى الله تعالى عنها أنها قال انتهيت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وما من الناس أحد أكره إلى منه قتل أبى وزوجى وقومى فقال صلى الله عليه وسلم يا صفية أما إنى أعتذر إليك مما صنعت بقومك إنهم قالوا لى كذا وكذا وقالوا فى كذا وكذا وفى رواية إن قومك صنعوا كذا وكذا ومازال صلى الله عليه وسلم يعتذر إلي حتى ذهب ذلك من نفسي فما قمت من مقعدي ومن الناس أحد أحب إلى منه صلى الله عليه وسلم وأعرس بها رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد أن طهرت من الحيض فى قبة بعد أن دفعها صلى الله عليه وسلم لأم سليم لتصلح من شأنها وبات تلك الليلة أبو أيوب الأنصارى رضى الله تعالى متوشحا سيفه يحرسه ويطوف بتلك القبة حتى أصبح رسول الله صلى الله عليه وسلم فرأى مكان أبى أيوب فقال مالك يا أبا أيوب قال رسول الله خفت عليك من هذه المرأة قتلت أباها وزوجها وقومها وهى حديثة عهد بكفر فبت أحفظك فقال اللهم احفظ أبا أيوب كما بات يحفظنى قال السهيلى رحمه الله فحرس الله أبا أيوب بهذه الدعوة حتى إن الروم لتحرس قبره ويستشفون به فيستصحون أى ويستسقون به فيسقون.

السيرة الحلبية في سيرة الأمين المأمون .. باب غزوة خيبر

و عن ابن عباس قال لما ظهر النبي صلى الله عليه وسلم على خيبر صالحهم على أن يخرجوا بأنفسهم وأهليهم ليس لهم بيضاء ولا صفراء فأتي بكنانة والربيع وكان كنانة زوج صفية والربيع أخوه وابن عمه فقال لهما رسول الله صلى الله عليه وسلم أين آنيتكما التي كنتما تعيرانها أهل مكة قالا هربنا فلم تزل تضعنا أرض وترفعنا أخرى فذهبنا فأنفقنا كل شيء فقال لهما إنكما إن كتمتماني شيئا فاطلعت عليه استحللت به دماءكما وذراريكما فقالا نعم فدعا رجلا من الأنصار فقال اذهب إلى قراح كذا وكذا ثم ائت النخل فانظر نخلة عن يمينك أو عن يسارك فانظر نخلة مرفوعة فأتني بما فيها قال فانطلق فجاءه بالآنية والأموال فضرب أعناقهما وسبى أهليهما وأرسل رجلا فجاء بصفية فمر بها على مصرعهما فقال له نبي الله صلى الله عليه وسلم لم فعلت فقال أحببت يا رسول الله أن أغيظها قال فدفعها إلى بلال وإلى رجل من الأنصار فكانت عنده

الطبقات الكبرى لإبن سعد .. باب غزوة رسول الله صلى الله عليه و سلم خيبر
صحيح البخاري .. كتاب الصلاة .. باب ما يذكر في الفخذ
صحيح البخاري .. كتاب المغازي .. باب غزوة خيبر

و باقي كتب السيرة مثل البداية و النهاية لابن كثير و الروض الأنف للسهيلي و الكامل في التاريخ لأبن الأثير ..

أبو نبي الرحمة